• إتصل بنا 96026659
  • البريد الإلكتروني contact@almadrasa-alzaytuniya.com

شيخ الجماعة أبو إسحاق إبراهيم بن عبد القادر الرياحي الطرابلسي

التستوري المنشأ التونسي القرار رئيس المفتين بها وإمامها وخطيبهما بالجامع الأعظم وعالمها النظار وأستاذ الأساتذة الأخيار خاتمة العلماء العاملين والأئمة المحققين المعتقد المجاب الدعوة، قدم الحاضرة أواخر القرن الثاني عشر وأخذ عن أعلام كالشيخ حمزة الجباس والشيخ الكواش والشيخ حسن الشريف والشيخ محمَّد المحجوب وأخيه عمر والشيخ أحمد بوخريص والشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ إسماعيل التميمي وغالبهم أجازه إجازة عامة متصلة السند وأخذ المعارف الربانية أولًا عن شيخ الطريقة الشاذلية الأستاذ المعتقد البشير بن عبد الرحمن الونيسي ثم في سنة 1216 هـ تعرّف بالشيخ علي حرازم وأخذ عنه الطريقة التجانية بتونس ونشرها وأقام أورادها وأسس لها زاويته المشهورة به قرب حوانيت عاشور وكانت له وصلة بالعارف بالله الشيخ مصطفى بن عزوز أستاذ الطريقة الرحمانية وله فيه مدائح شعرية ونثرية، ولما راسل الأمير المولى حمودة باشا باي سلطان المغرب مولاي سليمان سنة 1218 هـ كان الحامل لها صاحب الترجمة بقصد الميرة فأعظم السلطان مقدمه واهتزت له فاس وامتدح السلطان بقصيدة أنشدها بين يديه فأعجب السلطان ومَن حضرها وأمده بمطلبه وهي من جيد شعره وأولها:

 

إن عز من خير الأنام مزار … فلنا بزورة نجله استبشار

 

واجتمع بالشيخ التجاني وأخذ عنه وبكثير من أفاضل العلماء منهم الشيخ الطيب بن كيران وتباحثا في مسائل من العلوم وحضر درس السلطان في التفسير ودخل سلا وأجازه فقيهها العلامة الشيخ محمَّد الطاهر المير السلاوي بما تضمنته ثبت الشيخ أحمد الصباغ الإسكندري من العلوم على اختلاف أنواعها والكتب المصنفة فيها من المختصرات والمطولات بالأسانيد المتصلة إلى أربابها كما أجازه بذلك الشيخ عمر بن عبد الصادق الششتي المالكي عن شيخه أحمد جامع المثبت المذكور والشيخ محمَّد مدينة عن الشيخ عبد الوهاب العفيفي ومحمد بن عيسى الزهار عن مؤلفه الشيخ أحمد المذكور مؤرخة الإجازة في شوال سنة 1219 هـ وحج حجتين الأولى سنة 1241 هـ أدى بها فرضه والثانية سنة 1253 هـ للسبب الآتي ذكره وفيها اجتمع بأعلام بالإسكندرية ومصر والحرمين الشريفين منهم محدّث المدينة المنورة الشيخ محمَّد عابد ابن الشيخ أحمد بن علي ابن شيخ الإِسلام محمَّد المزاح الألوي السندي المدرس بالحرم النبوي المتوفى فيه سنة 1257 هـ[1841 م] وأجازه بما حواه ثبته المسمى بحصر الشارد في أسانيد الشيخ عابد كما أجازه الشيخ محمَّد الأمير الصغير بما حواه ثبت والده ومحل الحاجة منه بعد الديباجة قد منّ الله بالاجتماع بالعمدة العلامة القدوة الفهّامة المتوج بتاج العز والكرامة المتوشح من البر والتقوى بأكمل لامه ذي الفطرة السليمة والفكرة المستقيمة الألمعي الباهر اللوذعي الزاهر طبيب أدوائي وأجراحي الشيخ إبراهيم الرياحي جعل الله في اجتماعنا به غاية نجاحي ونهاية فلاحي وذلك عام قدومه لحج بيت الله الحرام ونية الصلاة بروضة سيد الأنام ومشهادة ذلك المقام فأشرقت أنواره في مصر المحروسة وظهرت بها أسراره فاستأنست وغدت هي المأنوسة. وسمعت منه مسلسل الأولية ورغب مني اتصال سنده بأستاذي الوالد ولزمني أن أكون له أول مسعف ومساعد فاستخرت الله وأجزته بجميع ما في ثبت أستاذي أن يرويه عني ويجيز به كما أجازني رحمه الله إجازة عامة مستوفية الشروط في جميع ما هو مشتمل عليه من العلوم والفنون كاملة لما اتصف به من الأهلية وصدق المحبة وحسن الطوية اهـ باختصار، وأجازه أيضاً أبو عبد الله محمَّد بن التهامي الرباطي حين حلّ بتونس سنة 1243 هـ إجازة عامة بجميع مروياته المتصلة السند وتصدى لبث العلوم وأجاد وأفاد وأتى على غالب الكتب ختماً وتبارى الشعراء في مديحه في موكب الختام وتخرج عليه الكثير من الفحول الأعلام وأخذوا عنه منهم ابناه الطيب وعلي والشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ محمَّد النيفر وابناه الطاهر والطيب وأجازوه بما حواه ثبت الأمير وثبت المير وثبت الشيخ عابد وصالح ومحمد والشيخ محمَّد البنا والشيخ المناعي والشيخ البحري والشيخ ابن سلامة والشيخ الطاهر بن عاشور والشيخ أحمد بن حسين والشيخ أحمد بن أبي الضياف وشيخنا سالم بوحاجب وشيخنا عمر ابن الشيخ وغيرهم وفي سنة 1248 هـ تقدم لرياسة الفتوى وفي سنة 1252 هـ حج نيابة عن الأمير المولى مصطفى باشا باي ورجع منه في رجب سنة 1253 هـ بإثر وفاة الأمير المذكور وولاية ابنه المشير أحمد باشا باي وسفره للحج كان بعد وحشة وقعت بينه وبين تلميذه قاضي الحاضرة الشيخ محمَّد البحري وذلك أنهما اختلفا في يتيم تزوجت أمه فانتقل الحق لجدته للأم وقضى باستحقاقها الحضانة القاضي المذكور بناء على المشهور في المذهب ولم يرض العم بذلك الحكم وطلب أن يكون في حضانته والتزم بالنفقة

عليه من ماله إلى أن يبلغ الأشد ويأخذ إرثه في أبيه كاملًا فقضى له بذلك صاحب الترجمة اعتماداً على غير المشهور ونظراً لمصلحة اليتيم فانتصر هذا لرأيه وهذا لرأيه ووقع بينهما اختلاف في المجلس آل الأمر إلى أن القاضي أتى بدواوين من كتب الفقه فحملها الأعوان وجعلوها بين يديه وطلب من الباي أن يأمر أحد الكتاب بقراءة محل الحاجة من كل كتاب فغضب صاحب الترجمة وقال لتلميذه في ذلك المجلس: يا قليل الحياء، فأثرت هاته المقالة في الباي وانفصل المجلس بتنفيذ حكم القاضي كما أن الشيخ تأثر وبعث بتخليه عن الخطة ولم يجبه الباي لذلك ولما وصل الشيخ للحرم النبوي أنشد عند باب السلام قصيدة تشعر بالدعاء على خصمه وأولها:

 

إليك رسول الله جئت من البعد … أبثك ما في القلب من شدة الوقد

 

وفي سنة 1254 هـ بعثه المشير المذكور سفيرًا في مهم لدار الخلافة الآستانة العلية ومدح السلطان المعظم المولى محمود بقصيدة غراء أولها:

 

العز بالله للسلطان محمود … ابن السلاطين محمود بمحمود

 

ولقي هناك إقبالًا فوق ما يذكر واستجازه شيخ الإِسلام وقدوة الأنام أحمد عارف وأجابه لذلك نظمًا. له ديوان خطب وديوان شعر في المديح وغيره ورسائل وأجوبة عن مسائل علمية تسع مجلداً منها فتوى بجواز الاحتماء بالأجنبي من الملة ورسالة رفع اللجاج في نازلة ابن الحاج في شأن الحضانة المشار لها وحاشية على شرح الفاكهي على القطر وشرح لطيف على الخزرجية والنرجسية العنبرية في الصلاة على خير البرية ورسالة في الرد على المنكرين على الطريقة التجانية ولما وردت رسالة عالم مصر وصالحها الشيخ محمَّد النميلي التونسي الأصل المسماة بالصوارم والأسنة رد فيها على الشيخ أحمد التجاني على بعض كتابة في صفة الكلام من علم التوحيد إنتصر صاحب الترجمة لأستاذه وألّف رسالة سماها المبرد لكن لما بلغت هاته الرسالة للشيخ كتب في الرد عليه نحو خمسة وأربعين كراساً وله رسالة في الحكم إذا علل بعلة وارتفعت فإنه يرتفع ورسالة في الأعذار ورسالة في الرد على الوهابي وكتابة على قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} ومنظومة في النحو ومنظومة في الصلوات التي تفسد على الإِمام دون المأموم وغير ذلك، مولده سنة 1180 هـ وتوفي في رمضان سنة 1266 هـ[1849 م] بالطاعون وكان هو خاتمته وحضر جنازته الأمير والمأمور والخاصة والجمهور ودفن بزاويته المذكورة التي هي مجتمع الطائفة التجانية لقراءة الأحزاب والأوراد وبناؤها غاية في الاحتفال وسترى بانيها في التتمة.