الفقيه النظار الحافظ الحجة إمام المالكية في وقته، كان واسع العلم كثير الحفظ والرواية، كتبه تشهد له بذلك، فصيح القلم يقول الشعر ويجيده مع صلاح وورع وعفة، إليه انتهت رئاسة الدين والدنيا وإليه الرحلة من الآفاق، وهو الذي لخص المذهب ولمَّ نشره وذبّ عنه. تفقه بفقهاء بلده وعوّل عن ابن اللباد وأبي الفضل المميسي، وأخذ عن محمَّد بن مسرور العسال وعبد الله بن مسرور ودراس وأبي العرب والقطان والأبياني وزياد بن موسى وسعدون الخولاني وأحمد بن سعيد وحبيب مولى بن أبي سليمان وجماعة ورحل فحج وسمع من ابن الأعرابي وإبراهيم بن محمَّد بن منذر وأبي علي بن أبي هلال وأحمد بن إبراهيم بن حماد القاضي والحسن بن نصر السوسي وعثمان بن سعيد الغرابلي، واستجاز ابن شعبان والأبهري والمروزي وسمع من خلق كثير وتفقه عنه جماعة جلة منهم أبو بكر بن بد الرحمن وأبو سعيد البرادعي واللبيدي وابن الأجدابي وأبو عبد الله الخواص وأبو محمَّد مكي بن موهب المقبري وابن عابد وأبو عبد الله الحذاء وأبو مروان والقنازعي وأبو عبد الرحمن بن العجوز وأبو محمَّد بن غالب ومَن لا يعد كثرة، واستجازه جماعة منهم ابن مجاهد البغدادي، له تآليف: منها كتاب النوادر والزيادات على المدونة مشهور أزيد من مائة جزء، ومختصر المدونة مشهور، وعلى كتابيه هذين المعول في المذهب، وكتاب تهذيب العتبية، وكتاب الاقتداء بأهل المدينة، وكتاب الذب على مذهب مالك وكتاب الرسالة مشهور وسأله تأليفها الشيخ محرز بن خلف الآتية ترجمته آخر الخاتمة. ألفها وسنه سبعة عشر عاماً وهي أول تآليفه ووقع التنافس في اقتنائها حتى كتبت بالذهب وكتاب التنبيه على القول في أولاد المرتدين ورسالة الحبس على أولاد الأعيان، وكتاب تفسير أوقات الصلوات، وكتاب الثقة بالله والتوكل عليه، وكتاب المعرفة واليقين وكتاب المضمون من الرزق وكتاب المناسك ورسالة فيمن تأخذه على تلاوة القرآن والذكر حركة، ورسالة في الرد على القدرية، ورسالة في أصول التوحيد وغير ذلك مما هو كثير وكل تآليفه مفيدة بديعة عزيزة ترجمته عالية وشهرته تغني عن التعريف به. توفي سنة 386 هـ[996 م] وسنه 76 ودفن بداره بالقيروان وقبره معروف متبرك به، ورثاه جماعة منهم أبو زكرياء يحيى بن علي الشقراسطي.