كان من العلماء العاملين والفقهاء المتعبدين المرابطين بقصر المنستير، كان عظيم القدر شهير الذكر أدرك سحنوناً ولم يأخذ عنه وهو من كبار أصحاب ابنه، وسمع في مصر من محمد بن عبد الحكم وابن رمح وغيرهما، سمع منه جماعة منهم أبو عبد الله محمد بن الحارث الخشني قال: لقيته سنة ست عشرة وثلاثمائة وكتب عنه حديثاً كثيراً في غير ما فن وقد عمر، وفي هاته السنة خرجت من إفريقية وهو حي اهـ وسمع منه أيضاً أبو محمد بن أبي زيد وربيع القطان وأبو بكر بن سعدون وابن اللباد، وكانت له مداراة مع الملوك سعياً وراء مصالح المسلمين عامة وأهل المنستير خاصة، وكان الجان يخاطبه ويقضي له حوائجه، وفي الشفاء قيل له أن قومًا من كتامة قتلوا رجلاً صالحاً وأضرموا عليه النار الليل كله فأصبح بدنه أبيض لم توقد عليه النار. فقال: لعله حج ثلاث حجج؟ قالوا: نعم. قال: حدثني واصل أن مَن حجّ واحدة أدى فرضه ومَن حجّ ثانية داين ربَّه ومَن حجّ ثالثة حرّم الله بدنه وشعره على النار اهـ. وكان هو شيخ القصر يجتمع إليه للحراسة أحياناً نحو الأربعة آلاف حتى خافت منه الشيعة. توفي سنة أربع أو خمس وعشرين وثلاثمائة وهو ابن مائة سنة صحيح العقل والبصر ودفن بالمنستير، وكانت جنازته مشهودة نفر الناس إليها من القيروان وغيرها.