10
مارس

الفرق بين الاسم والصفة

في شرحه لمتن أم البراهين للإمام السنوسي – و في معرض الكلام عن الصفة أفاد الشيخ حسن بن جمال السوسي المالكي بما يلي:

الفرق بين الاسم والصفة أنّ كلّ اسم لا بدّ أن يحتوي على صفة، وليست كلّ صفة دالـّة على اسم بالضرورة، كما أنّ الاسم عند النحاة ما دلّ على معنى في نفسه، وأسماء الأشياء هي الألفاظ الدّالة عليها، وإذا ربطنا ذلك بنظرية العمل والإعراب في أصول النحو العربيّ في تقسيم الكلام إلى اسم وفعل وحرف، نجد أنّ الاسم سواء كان مشتقا أو ما تمحـّض للدلالة على الجنس أو العلميّة هو ما أخبر عن المسمّى، والفعل ما أخبر عن حركة المسمّى، والحرف ما أخبر عن معنى ليس باسم ولا فعل، ولعلّ الجرجاني في كتابه : “التعريفات” كان أقرب النحاة إلى هذا المقصد في تمييز الصفة عن أقسام الكلام الثلاثة وهي الاسم والفعل والحرف، وكأنّه في رأيي (الشخصيّ) عن سؤال ضمنيّ: لم اكتفى العرب بأقسام ثلاثة للكلم ولم يخصّصوا للصفة قسما رابعا كما هو الحال في النحو المقارن في العبرية والسريانية والآراميّة والفارسية، وغيرها من اللغات القديمة وحتّى الحديثة؟ لذلك يعرّف الجرجاني الصفة تمييزا لها عن باقي أقسام الكلام بقوله: ” الصفة هي الاسم الدالّ على بعض أحوال الذات وهي الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يعرف بها”. من أجل ذلك أدرج النحاة الصفة في باب الاسم ووسموها ببعض خصائص الفعل كالاشتقاق دون الدلالة على زمان، فنتج عن ذلك في المنوال النحويّ العربيّ أنّ الاسماء يشتق منها صفات، أمّا الأسماء فلا يشتقّ منها صفات (مثال: اسم جنس ” طاولة” هو جامد من حيث الاشتقاق لا يمكن أن نشتق منها صفة)، أما الصفات فنشتق منها صفات على أوزان وصيغ معلومة وهي أسماء عند تصنيفها الإعرابيّ: (مثال صفة الحلم أو القدرة يمكن أن نشتقّ منها أسماء شتّى كحليم وقادر وقدير…إلخ) [ يمكن مراجعتها في معجم مقاييس اللغة لابن فارس وميزة هذا المعجم أنّ صاحبه يجمع لأوّل مرّة في تاريخ المعجميّة العربيّة بين الاشتقاق والنّحت).

انتقلت مباحث النحو والمعجم في العلاقة بين الصفة والاسم إلى العلوم الإسلاميّة سيّما العقيدة والكلام والتفسير فنرى تطبيقاتها في أنّ أسماء الله تعالى هي كلّ ما دلّ على ذاته مع صفات الكلام: القادر/ العليم/ الحكيم/ السميع… أمّا الصفات فهي مستلزمة للأسماء وهي دالة على محض القدرة والعلم والحكمة. لذلك فإنّ الاسم لا يشتقّ من أفعال اللّه تعالى من ذلك لا نشتقّ من أفعاله يمكُر ويغضبُ صفتي الغاضب والماكر…

← لذلك ارتبطت الصفات والأسماء في النحو الموضعي والدلالي بالأفعال والحروف، وارتبطت في التصوّر العقدي الكلاميّ بأفعال الله تعالى لاشتراكهما أي الأسماء والصفات في العبادة والاستعاذة والقسم والحلف…

الشيخ حسن بن جمال السوسي الزيتوني المالكي