09
مارس

الفرق ما بين المدرسة الكوفية والبصرية في علم النحو

طرح على الفقير هذا السؤال : ما هو الفرق ما بين المدرسة الكوفية و البصرية في علم النحو

و للفائدة أنشر الرد

و قبل النشر – رحم الله سيدي و شيخي العلامة محمد بن محمود بوصندل

الإجابة:

للعراقيين اجمالا السبق في تدوين علم النحو و كان أوج الازدهار بالمدينتين البصرة والكوفة ومنها انتشرت الدراسات اللغوية والادبية في بقية العالم الاسلامي و كان السبق للبصرة عن الكوفة في الاهتمام بعلم النحو بنحو مائة عام و سبق البصرة كان لموضعها المهم الذي يجعل منها نقطة التقاء للبشر وللثقافات ، اذ فيها التقى العرب بالفرس والهنود واليونان وغيرهم من البشر ، ونتيجة لاختلاط العرب بالاعاجم فشا اللحن وفسدت الالسنة ، فلا غرابة ان تكون البصرة اول مدينة اسلامية قامت فيها مدرسة نحوية ، و امتازت المدرسة البصرية بامتزاجها و اعتمادها على المنطق فكان للبصرة منهجها المنطقي في دراسة اللغة ، وكان كل ذلك يشكل مفارقة لما كان عليه الحال في الكوفة ، اذ همت الكوفة بالدراسات القرانية وبجمع الشعر القديم واللغة ، وكان منهجها وان تأثر بما يجري في البصرة ، فهو اقرب الى منهج الرواية والاستشهاد بما كان يؤثر عن العرب من نثر وشعر .

وقد بدأت الدراسات النحوية في الكوفة بعد حوالي القرن من بدايتها في البصرة كما أسلفنا الذكر، وهناك بعض الفروق بين مدرستي البصرة والكوفة النحويتين نورد فيما يأتي بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر :

قال البصريون : ان ابنية الكلمة ثلاثية ورباعية وخماسية، وما زاد عن ذلك زائد ، وقال الكوفيون انها لاتقل عن ثلاث ، ولا تزيد على ثلاثة ، وما زاد على ثلاث ، فزائد على اصل البناء .

و قال البصريون اقسام افعل عند البصريين ( ماضي ومضارع وأمر ) وعند الكوفيين( ماضي ومضارع ودائم ( اي اسم فاعل ) ) .

و قال البصريون اقسام الكلام  أسم وفعل وحرف ، وعند الكوفيين أسم وفعل واداة . 

و لقد ميز البصريون بين علامات الاعراب المتغيرة : نصب ، جر ، رفع ، جزم وبين البناء الازمة : فتح ، كسر ، ضم ، سكون ، ولم يفرق بينهما الكوفيين ، فقد يطلقون النصب على المبني على الفتح كما يطلقون الفتح على المنصوب . 

و غيرها من الفروق ألتي أثرت في تدوين علم العقيدة من ناحية و طرق التدليل فيه

بالنسبة لطلبة العلم المرجو الرجوع للمقدمة السابعة في علم العقيدة المستوى ثاني حسب تقسيم الزيتونة (تدرس العلوم بمستويات ثلاث) و فيه تحدثنا عن تأثر تدوين علم العقيدة بتدوين علوم اللغة لمزيد من الفائدة

و أذكركم بالجزء الخاص اختلف البصريون والكوفيون حول أصل الاشتقاق,فقال البصريون إن الأصل هو المصدر وذهب الكوفيون إلى أن الأصل هو الفعل و ما انبنى عليه هذا الاختلاف في التعبير في  علم العقائد و مرد ذلك تأثر البصريون بالمعارف العقلية وبالمنطق تأثراً عميقاً فحرصوا على المدود والرسوم، وأكثروا من التأويل والتقدير والتوجيه، وعنوا بالقياس واعتدوا به واعتمدوا عليه والتزموا الدقة في إجرائه وفي إقامة علله محتكمين إلى الموازين العقلية ومتأثرين بالمنهج الفلسفي، كذلك شُغِلوا بالتقنين والتقعيد بسبب تأثرهم بالمنهج الكلامي عن الاهتمام بمادة اللغة لذاتها فحاولوا إخضاع هذه المادة لما وضعوه من قوانين وقواعد اعتمدت على أسس فلسفية وتأثرت بالروح المنطقية وأصبحنا نرى عندهم للقوانين قوانين أخرى ولعلل الأقيسة الأولى عللاً ثواني وثوالث وراءها

الشيخ حسن بن جمال السوسي الزيتوني المالكي