حول إحتفاء الصحابة بمولد النبي صلى الله عليه و آله وسلم
مقتبس من رسالة غاية المؤمول من عمل مولد الرسول للراجي رحمة ربه حسن بن جمال السوسي و كنت أصلت لعمل المولد و
رددت بحمد الله على المنكرين من أصل ما دعموا به حجهم في الانكار:#:
و إذا سلّم بمشروعية الفرح و السرور بيوم مولد النبي صلى الله عليه و سلم : فهل الإنكار منصب على إظهار ذلك السرور أم على
مظاهره ؟ و قد تقدم القول هنا بأن الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف ” قربة ” من القربات الشرعية ؛ التي يتقرب بها العباد إلى الله
تعالى ؛ لوجود نظيره في السنة النبوية .و بيان ذلك قول ابن خويز منداد وهو من كبار أئمة المالكية : إذا أشكل ما هو برّ وقربة بما
ليس هو بر وقربة أن ينظر في ذلك العمل ، فإن كان له نظير في الفرائض والسنن فيجوزأن يكون ، وإن لم يكن فليس ببر ولا قربة.
و الاحتفاء بالمولد النبوي له نظير في السنن ؛ حيث صامه النبي صلى الله عليه وسلم و علّل هذا بقوله:” ذاك يوم ولدت فيه ” ؛
فيكون قربة من القربات .ففي حديث أبي قتادة الأنصاري قال: “وسئل عن صوم يوم الاثنين . قال : ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت
أو أنزل علي فيه”.رواه مسلم في صحيحه ، و أحمد في مسنده ، و غيرهم .فرسول الله صلى الله عليه و سلم صام يوم الاثنين احتفاء
بمولده الشريف كما صرّح وأوضح في حديثه الصحيح الثبوت الصريح الدلالة وكأنه يحث على فعله و يحض عليه .فأصل الاحتفاء
بيوم المولد النبوي مشروع و مسنون ، و الاحتفال به في عصورنا هذه قربة من القربات ؛ تخريجا على ما ذكره ابن خويذمنداد آنفا
.
و لا أحسب أن عاقلا يجعل التوسعة على النفس و الأهل و الولد في المأكل و المشرب وشراء الحلوى في ذلك اليوم تخرج ذلك
الاحتفاء من الحلّ و الاستحباب إلى الحرمة و المقصود ب ” السنن ” – التي يكون الفعل ” قربة ” إذا كان نظيرا لها – : الاصطلاح
الفقهي ؛ بمعنى : المستحبات و المندوبات .
و صيامه ذاك – عليه الصلاة و السلام -كان على سبيل الاستحباب و القربات .
و قد يقال إن الذي فعله رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الصيام في ذكرى مولده الشريف ؛ فلا يكون احتفالنا به قربة لأنه غير
نظير للصيام ؛ فنقول : المناظرة هنا والمماثلة هي في أصل الاحتفاء بذلك اليوم ، و هو متحقق في الاحتفال بالمولد النبوي ؛فيكون
قربة من القربات لله تعالى .
هذا في أصل الاحتفاء و الاحتفال بالمولد النبوي أما صورته من نوع سماع قصة المولد الشريف الواردة في كتب الحديث و السيرة ،
و ذكرالصفات و الشمائل المحمدية الكريمة و نحوها فهي قربة من جنس القربات بلا ريب .
و هناك أصل شرعي تقاس عليه الأناشيد و المدائح النبوية التي تقال في ذكرى المولد النبوي الشريف هو الحديث الذي أخرجه الإمام
البيهقي في ” دلائل النبوة ” : ” لما قدم عليه السلام المدينة جعل النساء والصبيان يقلن : طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب
الشكر علينا ما دعا لله داع “
الشيخ حسن بن جمال السوسي